ــــــــــــ السلام على الشيب الخضيب ... السلام على الخد التريب ... السلام على البدن السليب ... السلام على الثغر المقروع بالقضيب ... السلام على الرأس المرفوع ... السلام على الأجسام العارية في الفلوات ... السلام على المرمّل بالدماء ... السلام على المهتوك الخباء ... السلام على خامس أصحاب الكساء ... السلام على غريب الغرباه ... السلام على شهيد الشهداء ... السلام على قتيل الأدعياء ... السلام على ساكن كربلاء ... السلام على من بكته ملائكة السماء >>> يا حسين يا حسين ياحسين يا عطشان يا عطشان ياعطشان ......... إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنعمتك ، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك إلهي ان طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما انا مؤمل غير غفرانك ، ولا انا براج غير رضوانك إلهي افكر في عفوك فتهون علي خطيئتي ثم اذكر العظيم من اخذك فتعظم علي بليتي ، ...................آه إن انا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها وانت محصيها فتقول خذوه فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ولا تنفعه قبيلته ، ويرحمه الملا اذا اذن فيه بالنداء ، ....................آه .. من نار تنضج الاكباد والكلى ...................آه .. من نار نزاعة للشوى ................آه .. من غمرة من ملهبات لظى

الأربعاء، 3 فبراير 2010

الإمام الرضا -عليه السلام- في رحاب الله

الإمام في رحاب الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد أن علا نجم الإمام في سماء العاصمة الإسلامية وبان للناس من خلال المناظرات والمحاورات أنّ هذا الرجل هو الجدير بالمركز النبوي العظيم وأنّ غيره معتد وغاصب لحقّه.
كانت كل هذه الشائعات تصل للمأمون فيغصّ في ريقه ويقضّ مضجعه وهو إنّما جاء بالإمام ليضيّق عليه الخناق ويمنع ذكره من الانتشار وإذا به كالطيب كيف وضعته تضوّع ريحه.
لهذا فكر هو وجلاوزته الذين يعصون الله في إطاعة مخلوق كيف يتخلّصون من الإمام وهو ولي العهد. هل يقتلونه عمداً جهاراً فلا يستطيعون، فدبروا له حيلة الحمام التي قتل فيها ذو الرئاستين فلم يذهب الإلحاح المتزايد من المأمون.
لقد ضاق المأمون ذرعاً به لأنّه يريد أن يذهب إلى بغداد ويضمن للعباسيين بقاء حكمهم فكيف يضمن لهم والرضا حي يرزق؟ إذاً ما الحيلة في ذلك؟
وتضافرت الروايات في الكيفية التي ارتكبها المأمون في قتل الإمام الرضا (عليه السلام) فعن أبي الفرج والمفيد أنّه قتله بعصير الرمان والعنب المسمومين.
فقد ذكر المفيد في الإرشاد عن عبد الله بن بشير أنّه قال:
أمرني المأمون أن أطوّل أظفاري على العادة ولا أظهر ذلك لأحد، ففعلت ثم استدعاني فأخرج لي شيئاً يشبه التمر الهندي.
فقال لي: اعجن هذا بيديك جميعاً.
ففعلت.. ثم قام وتركني ودخل على الرضا وقال له ما خبرك؟
قال: أرجو أن أكون صالحاً.
قال أنا بحمد الله أيضاً صالح فهل جاءك أحد من المترفقين في هذا اليوم.
قال: لا.
فغضب المأمون وصاح على غلمانه، ثم قال: فخذ ماء الرمان الساعة فإنّه ممّا لا يستغنى عنه.
ثم دعاني فقال: ائتنا برمان فأتيته به.
فقال لي: أعصر بيديك.
ففعلت، وسقا المأمون الرضا بيده. وكان ذلك سبب وفاته فلم يلبث إلاّ يومين حتى مات.
وذكر عن أبي الصلت الهروي أنّه قال: دخلت على الرضا وقد خرج المأمون من عنده.
فقال لي: يا أبا الصلت قد فعلوها، وجعل يوحّد الله ويمجّده. وروي عن محمد بن الجهم أنّه قال: كان الرضا يعجبه العنب فأخذ له شيء فجعل في موضع أقماعه الإبر أياماً ثم نزع وجيء به إليه فأكل منه وهو في علّته التي ذكرنا فقتله وذكر إن ذلك كان من لطيف السموم.
وعلى أية كيفية كان قتل الإمام فإنّ الذي يرجّح بنظرنا من ملاحظة النصوص والفهم للتاريخ وللظروف السياسية آنذاك أنّ المأمون هو الذي اغتال الإمام بالسمّ دون أن يخامرنا بذلك أي شكّ أو ريبة.
وكانت وفاته بطوس في قرية يقال لها (سناباد) من رستاق تونان ودفن في دار حميد بن قحطبة في القبة التي فيها هارون الرشيد إلى جانبه ممّا يلي القبلة. ولما توفي الرضا لم يظهر المأمون موته في وقته وتركه يوماً وليلة ثم وجّه إلى محمد بن جعفر بن محمد وجماعة من آل أبي طالب فلما أحضرهم وأراهم إيّاه صحيح الجسد لا أثر فيه بكى.
وقال: عزّ علىّ يا أخي أن أراك في هذه الحالة وقد كنت آمل أن أقدم قبلك فأبى الله إلاّ ما أراد وأظهر جزعاً شديداً وحزناً كثيراً وخرج مع جنازته يحملها حتى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن.

هوى البدر من عليائه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد هوى البدر من عليائه وأظلم الأفق ولبست الدنيا ثوب حداد حيث فقدت أعظم شخصية عرفتها علماً وعملاً وزهداً وورعاً.
فأنّى لهذه الدنيا أن تعتز بعد اليوم بمن يمشي عليها متواضعاً خائفاً من ربّه مفكّراً في أمره مهتماً بالفقراء من عباده؟!
وأين للفقراء بعد اليوم من يواسيهم ويحنو عليهم ويضمد جراحهم ويعطف على أبنائهم؟!
وأين للجهال اليوم وبعد اليوم من أستاذ ينير الدنيا أمامهم ويفتح طريقاً رحباً في عالم المجهول؟!
وأين للعلماء من ذلك الربّاني العظيم الذي يجتمعون حوله فيغرفون من روحانيته وعلومه ممّا يجعلهم قادة عند الأمم! وأين للفضائل والشمائل الكريمة ومن يتصف بها وتليق له ويليق لها!! هيهات لقد مات كل شيء بعد وفاته حتى كأنّ الدنيا ونضارتها ذهبت ولم يبق من ربيعها المرع وجنانها الخضراء إلاّ نتف من الهشيم اختبأت في زاوية من الزوايا هرباً من الرياح الهوج ففي ذمّة الله أيها القمر المنير، يا من أضأت العالم بنورك الوقّاد وسناك المتوهّج وغمرت العالمين بعطائك الكبير. فسلام على هذه الروح الطيبة المعطاء وسلام على الروض السخي وسلام عليك أيها الإمام العظيم يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيّاً.

مراثي الإمام
ـــــــــــــــــــــ
أي قلب لا ينفجر لذكر مصاب جلل وأي طرف لا يذرف دمعه سخياً لدي سماع هذا النبأ الأليم؟!
وأي إنسان لا يتصدع قلباً وقالباً عندما يعلم أنّ شم الجبال قد خرّت وشمس العلم قد كسفت؟!
فكيف بمن جاهد في حب أهل بيت نبيّه مدّة أربعين عاماً وهو يحمل خشبته على كتفه ليجد من يصلبه عليها؟
كيف لا ينفطر قلب هذا الشاعر وهو يتتبع مآسي آل محمد فيذوب لها ويتمزّق مزقاً من أجلها فكيف لا يتمزّق الآن وبالأمس القريب جاء إلى خراسان يقرأ قصيدته التائية التي لم يعرف أشهر ولا أحسن منها في تاريخ الرثاء على كثرة من رثى أهل البيت من الشعراء وقد أخذ جائزة الإمام وأي جائزة قميص الإمام ليكون كفناً له ينفعه في قبره ويوم حشره؟
فهل لدموعه أن تجف أو قلبه أن يتحجّر أو إنّه سوف يزداد مزقاً ويغتسل بدموعه؟
ولا شك أنّ عاطفة هذا الإنسان الفريدة من نوعها جعلته يعيش حالة لا شعورية فيقدم على رثاء من أفجع الرثاء وينحر الحاكم الظالم بسكين من شعرة ويعرّض نفسه وحياته ودمه للسفح.

دعبل والمأمون
ـــــــــــــــــــــــــــ
جاء في (أمالي الشيخ: ج1 ص98 – 99) و(أمالي المفيد 200/201) و(الأغاني) و(الغدير) و(أخبار شعراء الشيعة: 94 – 95).
عن يحيي بن أكثم قال: كان المأمون أقدم دعبل (رحمه الله) وأمّنه على نفسه فلما مثل بين يديه، وكنت جالساً بين يدي المأمون فقال له أنشدني قصيدتك الرائية। فجحدها دعبل وأنكر معرفتها. فقال له: لك الأمان عليها كما أمنتك على نفسك، فأنشده:

##
تأســـــفت جـــارتي لما رأت زوري
وعـــــدت الحـــــلم ذنباً غير مغتفر


##
ترجو الصبا بـــعد ما شابت ذوائبها
وقد جــــــرت طلــقاً في حلبة الكبر

##
أجارتي إن شــــــيب الرأس يعلمني
ذكر المعــــــاد وأرضاني عن القدر

##
لو كنت أركن للدنـــــيا وزيـــــــنتها
إذن بكيت عـلى الماضين من مضر


##
أخنى الزمان على أهلي فصدعـــهم
تصدع الشعـب لا في صدمة الحجر


##
بعض أقام وبعض قد أصــــــــار به
داعي المنـــــية والـباقي على الأثر


##
أما المقــيم فأخـــشى أن يـــفارقني
وليست أوبة مـــــن ولــــى بمنتظر

##
أصبحت أخبر عن أهلي وعن ولدي
كحاكم قــــــص رؤيــــــا بعد مدّكر


##
لولا تشـــاغل عيـــني بالألى سلفوا
من آل بـــيت رســــــول الله لم أقر

##
وفي موالــــيك للمخــــزون مشغلة
من أن تبـــــيت لمـــشغول على أثر


##
كم من رباع لــــهم بالـــــطف بائنةٍ
وعارض بصـــــعيد الــــترب منعفر

##
أنسى الحســـين وســــراهم لمقتله
وهم يقولـــــون هــــــذا سيد البشر
##
يا أمة الســوء ما جازيت أحمد عن
حسن البـــلاء على التنزيل والسور
##
خلفتموه علــــى الأبناء حين مضى
خلافة الذئـــــب فــــي أبقار ذي بقر


قال يحيى وانفذني المأمون في حاجة فقمت فعدت إليه وقد انتهى إلى قوله:

##
لم يبــــق حـــــي من الأحياء نعلمه
من ذي يمــــان ولا بــكر ولا مضر
##
إلاّ وهم شركـــــاء فـــــــي دمائهم
كما تشـــــارك أيـــــــسار على جزر

##
قتل وأســـــــر وتشـــــريد ومنهبة
فعل الغـــــزاة بــأهل الروم والخزر


##
أرى أمــــية معــــــذورين إن قتلوا
ولا أرى لبني العبـــــاس مـــن عذر


##
قوم قتلـــــتم علــــى الإسلام أولهم
حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر

##
أبناء حـــرب ومـــــروان وأسرتهم
بنو معيط ولاة الحـــــقد والــــوغر


##
أربع بطــــوس على قبر الزكي بها
إن كنت تربـــــع من دين على وطر

##
قبران في طـــوس خير الناس كلهم
وقبر شرهـــــــم هـــــــذا من العبر


##
ما ينفع الرجـس من قبر الزكي ولا
على الزكي بقرب الرجس من ضرر


##
هيهات كل امـــرئ رهن بما كسبت
له يداه فخــــــــذ مــــن ذاك أو فذر



قال: فضرب المأمون بعمامته الأرض، وقال: صدقت والله يا دعبل!!



ليست هناك تعليقات: