ــــــــــــ السلام على الشيب الخضيب ... السلام على الخد التريب ... السلام على البدن السليب ... السلام على الثغر المقروع بالقضيب ... السلام على الرأس المرفوع ... السلام على الأجسام العارية في الفلوات ... السلام على المرمّل بالدماء ... السلام على المهتوك الخباء ... السلام على خامس أصحاب الكساء ... السلام على غريب الغرباه ... السلام على شهيد الشهداء ... السلام على قتيل الأدعياء ... السلام على ساكن كربلاء ... السلام على من بكته ملائكة السماء >>> يا حسين يا حسين ياحسين يا عطشان يا عطشان ياعطشان ......... إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنعمتك ، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك إلهي ان طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما انا مؤمل غير غفرانك ، ولا انا براج غير رضوانك إلهي افكر في عفوك فتهون علي خطيئتي ثم اذكر العظيم من اخذك فتعظم علي بليتي ، ...................آه إن انا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها وانت محصيها فتقول خذوه فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ولا تنفعه قبيلته ، ويرحمه الملا اذا اذن فيه بالنداء ، ....................آه .. من نار تنضج الاكباد والكلى ...................آه .. من نار نزاعة للشوى ................آه .. من غمرة من ملهبات لظى

الأربعاء، 28 يناير 2009

الحسين والمهدي (عليهما السلام ) هدف واحد

الحسين والمهدي(عليهما السلام)
هدف واحد

وتشير الأدلة العقلية والنقلية إلى ان الإمام المهدي (عليه السلام وعجل الله تعالى فرجه) هو الذي يجني الثمار النهائية لثورة الحسين ونهضته من تحقيق الأهداف الإلهية في ظل إقامة الدولة الإسلامية العالمية الإلهية فالإمام الحسين (عليه السلام) بتضحيته أرسى القواعد الأساسية لدولة العدل الإلهية وشيد بنائها النظري والمعنوي في أذهان الناس وقلوبهم ويبقى التكميل والتجديد والتشييد الخارجي للبناء والذي يمثل التطبيق للقانون الإلهي الذي ينص عليه قواه تعالى : (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)
يبقى تشييده على بقية الله في أرضه (عليه السلام).
وقد تصدى الشارع المقدس وفي مناسبات عديدة وبصور مختلفة لإبراز ذلك المعنى وبيان الارتباط الوثيق بين الثورة الحسينية والدولة المهدوية ودولتها العالمية , وكأن الثورة الحسينية تمثل الحركة التمهيدية والأسس الرئيسية الثابتة للثورة المهدوية أي ان غايتها وهدفها هو الثورة المهدوية أقيمت وانطلقت من اجل تحقيق أهداف الثورة الحسينية أي ان غايتها وهدفها هو الثورة الحسينية وأهدافها الإلهية وأوضح ما يشير إلى ذلك الارتباط :
1-
ان شعار الثورة والنهضة المهدوية هو (يا لثارات الحسين) .
2-
وكذلك الامتداد والبعد والعمق التاريخي والشمولية لسكان السماوات والأرض عند الملائكة وفي سيرة الأنبياء (عليهم السلام) وخاتم النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين وأولاده المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) , كلهم يحيي ذكرى الإمام المهدي (عليه السلام) كما أحيا الثورة الحسينية وينتظر الفرج بظهوره الشريف وكل منهم يدعوا لله تعالى ان يكون مع الإمام (عليه السلام) للانتقام من أعداء الله الظالمين .
3-
إضافة لذلك فإننا نجد ان الشارع المقدس أعطى خصوصية لكربلاء كثورة وكبلد في فكر الإمام المهدي (عليه السلام) وسلوكه (عليه السلام) .
4-
إعطاء خصوصية لتراب كربلاء كما فعل جبرائيل (عليه السلام) عندما لبى طلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجلب له من تربة كربلاء , وكما أشار المعصومون (عليهم السلام) ان الشفاء في تربة كربلاء .
5-
ان كربلاء اشرف من بيت الله وان زوار الحسين (عليه السلام) في كربلاء في يوم عرفات له أفضلية على الحجيج الواقفين في عرفات .
6-
وغيرها من الخصوصيات المعنوية والروحية والمادية والتي تؤكد مركزية كربلاء والثورة الحسينية ومحوريتها في ثورة الإمام المهدي(عليه السلام) ودولته والتي تبين وتثبت الامتداد التاريخي الزماني والمكاني لنهضة المهدي (عليه السلام) وثورته المقدسة , كما هو الامتداد والعمق لثورة الحسين (عليه السلام).

كربلاء في نهضة المهدي(عليه السلام)

كربلاء في نهضة المهدي(عليه السلام)

سيكون لكربلاء الشأن الرفيع والمكانة السامية والخصوصية العمرانية , المادية والمعنوية في ظل النهضة والفكر المقدس للإمام القائم (عليه السلام) ودولته العالمية العادلة , فستكون مختلف الملائكة والمؤمنين وستكون فيها البركات واستجابة الدعوات , وسيكون فيها العمران وشق الأنهار وغرس الأشجار , ويشير لهذا المعنى :

1- عن الإمام الصادق (عليه السلام) : (.... كأني انظر القائم على ظهر النجف .... ويبني فيظهر الكوفة مسجداً .... ويتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء وبالحيرة .... ويأمر (عليه السلام) من يحفر من ظهر مشهد الحسين (عليه السلام) نهراً يجري إلى الغري حتى ينزل الماء في النجف ويعمل عليها القناطر والارحاء ....) .

2-عن الإمام الصادق (عليه السلام) في وصف بعض أحوال عصر الظهور المقدس حيث قال (عليه السلام) : (وليصيرن الكوفة أربعة وخمسين ولتجاوزن قصورها قصور كربلاء , وليصيرن الله كربلاء , معقلاً ومقاماً تختلف إليه الملائكة والمؤمنون وليكونن لها شأن من شأن وليكونن فيها من البركات ما لو وقف مؤمن ودعا ربه بدعوة لأعطاه الله بدعوته الواحدة مثل الدنيا ألف مرة ... ) .

الأحد، 11 يناير 2009

مناظرة الشيخ المفيد مع بعضهم في علة استتار الإمام الهدي عليه السلام

مناظرة الشيخ اللمفيد مع بعضهم في علة استارة الإمام المهدي عليه السلام
قال الشريف المرتضى عليه الرحمة : سئل الشيخ ـ أيده الله ـ فقيل له : أليس رسول الله صلى الله عليه وآله قد ظهر قبل استتاره ودعا إلى نفسه قبل هجرته ، وكانت ولادته معروفة ونسبه مشهوراً وداره معلومة، هذا مع الخبر عنه في الكتب الاُولى والبشارة به في صحف إبراهيم وموسى عليه السلام وإدراك قريش وأهل الكتاب علاماته ومشاهداتهم لدلائل نبوته وأعلام عواقبه، فكيف لم يخف مع ذلك على نفسه ولا أمر الله أباه بستر ولادته ، وفرض عليه إخفاء أمره كما زعمتم أنّه فرض ذلك على أبي الاِمام لما كان المنتظر عندكم من بين الاَئمة والمشار إليه بالقيام بالسيف دون آبائه، فأوجب ذلك على ما ادّعيتموه واعتللتم به في الفرق بين آبائه وبينه في الظهور على خبره وكتم ولادته والستر عن الاَنام شخصه، وهل قولكم في الغيبة مع ما وصفناه من حال النبي صلى الله عليه وآله إلاّ فاسد متناقض ؟

 جواب : ـ يقال إنّ المصلحة لا تكون من جهة القياس ، ولا تعرف أيضاً بالتوهّم ، ولا يتوصل إليها بالنظائر والاَمثال ، وإنّما تعلم من جهة علاّم الغيوب المطّلع على الضمائر العالم بالعواقب الذي لا تخفى عليه السرائر، فليس ننكر أن يكون الله سبحانه قد علم من حال رسول الله صلى الله عليه وآله ، مع جميع ما شرحتم أنّه لا يقدم عليه أحد ولا يؤثر ذلك منه ، إمّا لخوف من الاِقدام على ذلك ، أو لشك فيما قد سمعوه من وصفه ، أو لشبهة عرضت لهم في الرأي فيه، فتدبير الله سبحانه له في الظهور على خلاف تدبير الاِمام المنتظر لاختلاف الحالين.
 ويدل على ما بيناه ويوضح عما ذكرناه أنّه لم يتعرض أحد من عبدة الاَوثان ، ولا أهل الكتاب ولا أحد من ملوك العرب والفرس مع ما قد اتّصل بهم من البشارة بالنبي صلى الله عليه وآله لاَحد من آباء الرسول صلى الله عليه وآله بالاِخافة، ولا لاستبراء واحدة من أُمهاته لمعرفة الحمل به ، ولا قصدوا الاِضرار به في حال الولادة ولا طول زمانه إلى أن صدع بالرسالة .
 ولا خلاف أنّ الملوك من ولد العبّاس لم يزالوا على الاِخافة لآباء الاِمام وخاصة ما جرى من أبي جعفر المنصور مع الصادق عليه السلام ، وما صنعه هارون بأبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام حتى هلك في حبسه ببغداد، وما قصد المتوكّل بأبي الحسن العسكري عليه السلام جد الاِمام حتى أشخصه من الحجاز فحبسه عنده بسر من رأى ، وكذلك جرى أمر أبي محمد الحسن عليه السلام بعد أبيه إلى أن قبضه الله تعالى .
 ثم كان من أمر المعتمد بعد وفاة أبي محمد عليه السلام ما لم يخف على أحد من حبسه لجواريه والمسائلة عن حالهنّ في الحمل، واستبراء أمرهنّ عندما اتفقت كلمة الاِمامية على أنّ القائم هو ابن الحسن عليه السلام فظنّ المعتمد أنّه يظفر به فيقتله ويزيل طمعهم في ذلك ، فلم يتمكن من مراده وبقي بعض جواري أبي محمد عليه السلام في الحبس أشهراً كثيرة، فدلّ بذلك على الفرق بين حال النبي صلى الله عليه وآله في مولده وبين الاِمام عليه السلام على ما قدمناه بما ذكرناه وشرحناه .
 وشيء آخر وهو أنّ الخوف قد كان مأموناً على رسول الله صلى الله عليه وآله من بني هاشم وبني عبد المطلب وجميع أهل بيته وأقاربه، لاَنّ الشرف المتوقع له بالنبوّة كان شرفهم والمنزلة التي تحصل له بذلك فهي تختص بهم، وعلمهم بهذه الحال يبعثهم على صيانته وحفظه وكلائته ليبلغ الرتبة التي يرجونها له فينالون بها أعلى المنازل ويملكون بها جميع العالم .
 وأمّا البعداء منهم في النسب فيعجزون عن إيقاع الضرر به لموضع أهل بيته ومنعهم منه وعلمهم بحالهم وأنّهم أمنع العرب جانباً وأشدهم بأساً وأعزهم عشيرة، فيصدهم ذلك عن التعرض له ويمنع من خطوره ببالهم، وهذا فصل بين حال النبي صلى الله عليه وآله فيما يوجب ظهوره مع انتشار ذكره والبشارة به، وبين الاِمام فيما يجوز استتاره وكتم أمر ولادته، وهذا بيّن لمن تدبره.
 وشيءٌ آخر وهو أنّ ملوك العجم في زمان مولد النبي صلى الله عليه وآله لم يكونوا يكرهون مجيء نبي يدعو إلى شرع مستأنف ، ولا يخافون بمجيئه على أنفسهم ولا على ملكهم ، لاَنّهم كانوا ينوون الاِيمان به والاتباع له، وقد كانت اليهود تستفتح به على العرب وترجو ظهوره كما قال الله عزّ وجلّ : ( فلمّا جآءهم ما عرفوا كفروا به )(1) وإنّما حصل للقوم الخلاف عليه والاِباء له بنية تجددت لهم عند مبعثه .
 ولم يجر أمر الاِمام المنتظر عليه السلام هذا المجرى بل المعلوم من حال جميع ملوك زمان مولده ومولد آبائه، خلاف ذلك من اعتقادهم فيمن ظهر منهم يدعو إلى إمامة نفسه أو يدعو إليه داع سفك دمه واستئصال أهله وعشيرته ، وهذا أيضاً فرق بين الاَمرين .
 وشيء آخر وهو أن رسول الله صلى الله عليه وآله مكث ثلاث عشرة سنة يدعو بمكّة إلى دينه والاعتراف بالوحدانية وبنبوته ، ويسفّه من خالفه ويضلّلهم ويسب آلهتهم، فلم يقدم أحد منهم على قتله ولا رام ذلك ولا استقام لهم نفيه عن بلادهم ولا حبسه ولا منعه من دعوته، ونحن نعلم علماً يقيناً لا يتخالجنا فيه الشك بأنّه لو ظن أحد من ملوك هذه الاَزمان ببعض آل أبي طالب أنّه يحدث نفسه بادّعاء الاِمامة بعد مدة طويلة، لسفك دمه دون أن يعلم ذلك ويتحققه فضلاً عن أن يراه ويجده.
 وقد علم أهل العلم كافة أنّ أكثر من حبس في السجون من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وقتل بالغيلة إنّما فعل به ذلك على الظنة والتهمة دون اليقين والحقيقة، ولو لم يكن أحد منهم حلَّ به ذلك إلاّ موسى بن جعفر عليهما السلام لكان كافياً ، ومن تأمّل هذه الاَُمور وعرفها وفكر فيما ذكرناه وتبيّنه انكشف له الفرق بين النبي وبين الاِمام فيما سأل عنه هؤلاء القوم ولم يتخالجه فيه ارتياب والله الموفق للصواب .
 وبهذا النحو يجب أن يجاب من سأل فقال : أليس الرسول صلى الله عليه وآله قد ظهر في أوّل أمره وعرفت العامة والخاصة وجوده ثم استتر بعد ذلك عند الخوف على نفسه ، فقد كان يجب أن يكون تدبير الاِمام في ظهوره واستتاره كذلك، مع أنّ الاتفاقات ليس عليها قياس ، والاَلطاف والمصالح تختلف في أنفسها ولا تُدرك حقائقها إلاّ بسمع يرد عن عالم الخفيات ، جلّت عظمته فلا يجب أن نسلك في معرفتها طريق الاعتبار .
 وليس يستتر هذا الباب إلاّ على من قلّ علمه بالنظر وبَعُد عنه الصواب والله نستهدي إلى سبيل الرشاد

الأحد، 4 يناير 2009

عظمة المهدي عندالأئمة

عظمة المهدي عند الأئمة
             إن الارتباط بأئمة أهل البيت عليهم السلام ليس مجرد ارتباطٍ عاطفي أو وجداني يندرج في اطار الحب والمودة والتفاعل العاطفي أو النفسي. ولم يرد الله لنا أن تكون علاقتنا بالنبي (ص) أو بأئمة أهل البيت (ع) مجرد علاقة حب ومودة بقدر ما هي علاقة فكرية وعقيدية وعملية تتصل بما جعله الله لهم من موقع مقدس في الإسلام والعقيدة ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) .
على هذا فإنّ الارتباط بالإمام الحجة المهدي (عج) ليس مجرد ارتباط بفكرة عقيدية غيبية بل بإنسان كامل حيٍّ جسداً وروحاً يعيش بيننا يرانا ولانراه يعرفنا ولا نعرفه يسددنا ويوجهنا إلى حيث مصلحتنا ومصلحة الأمة وهو إمام الانس والجن بل إمام الكون وقوامه، فلولا وجود الإمام لساخت الأرض بأهلها، فهو أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء كما ورد في الأحاديث المأثورة عنهم (ع) وهذا يعني أن الإمام لو سحب ألطافه ولم يتدخل في بعض الشؤون، ولم يعمل على رعاية الأُمة وتسديدها في حركتها ومواقفها فالله وحده يعلم كيف سيصبح حال المجتمع الإسلامي وإلى أي درجة من الانحطاط والضياع يمكن أن يصل.. فقد كتب الإمام (عج) مخاطباً الشيخ المفيد رحمه الله ومن ورائه كل المؤمنين: ((... أنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء أي الشدائد واصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حمّ أجله ويحمى عنها من أدرك أمله)). 
وقد ورد في بعض الأحاديث أن أعمالنا تُعرض عليه فيحزن لسيئها ويفرح لما حسُن منها. ولذلك علينا أن نطهّر نفوسنا ونراقب أعمالنا لتكون بمستوى رضا الله تعالى ورضا الإمام الحجة (عج) 
يقول أحد العلماء الصالحين: علينا أن ننظر في صحيفة أعمالنا قبل أن تصل إلى محضر الله ومحضر صاحب الزمان (عج). 
وبعد النظر في صحيفة الأعمال ومن أجل أن يكون المؤمن بالمستوى اللائق في محضر الإمام (عج) لا بد من مراعاة جملة من آداب العلاقة معه والارتباط به، هي تلك الآداب التي وردت في الأحاديث عن أئمة أهل البيت (ع) والتي نذكر منها هنا ما يلي: 

1ـ مبايعته. 
فقد ورد في دعاء العهد: اللهم إني أُجدّد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبداً. 

2ـ إظهار الشوق لرؤيته. 
حيث ورد أن أمير المؤمنين (ع) ذكر المهدي (عج) من ولده فأومأ إلى صدره شوقاً إلى رؤيته. 
وعن الإمام الصادق (ع) أنه قال وهو يتشوق لرؤيته :... لو أدركته لخدمته أيام حياتي. 
وعلمنا أهل البيت (ع) أن ندعو الله لرؤيته ففي دعاء العهد: اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة، وأكحل ناظري بنظرة مني إليه. 
وفي دعاء الندبة: «... وأره سيّده يا شديد القوى...» وفيه أيضاً:.. هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى. 
وورد في دعاء العمري عنده (عج): اللهم إني أسألك أن تريني وليَّ أمرك ظاهراً نافذ الأمر. 
وفي بعض الأدعية ورد: اللهم أرنا وجه وليّك الميمون في حياتنا وبعد المنون. 
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن رؤية الإمام (ع) في زمن الغيبة الكبرى ممكنة بل وميسرة لخواص المؤمنين. وقد تشرَّف بعض علمائنا برؤيته صلوات الله عليه . 
ونُقل عن السيد بحر العلوم أنه جاء إليه رجل وسأله عن إمكان رؤية الإمام الحجة (ع) في زمن الغيبة الكبرى. فسكت السيد عن جوابه وطأطأ رأسه وخاطب نفسه.. ما أقول في جوابه؟ وقد ضمني صلوات الله عليه إلى صدره. 
ورد في وصية السيد ابن طاووس لولده: والطريق مفتوحة إلى إمامك لمن يريد الله جلّ شأنه عنايته به وتمام إحسانه إليه. 
أما الروايات التي تكذّب من ادعى رؤيته فليس المقصود بالرؤية فيها ما أشرنا إليه بل هي تشير إلى معنى آخر وهو ما نقله الشيخ الاشتهاردي عن السيد الخميني (قده) حيث يقول: .. والأخبار الدالة على تكذيب رؤيته منزَّلة على دعوى رؤيته بدعوى نيابته الخاصة من قبله (ع) كنيابة الحسين بن روح وغيره من النواب الأربعة . 

3ـ الثبات على ولايته. 
عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم. طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان، إن أدنى ما يكون لهم من الثواب أن ينادي بهم الباري جلَّ جلاله فيقول: عبيدي وإمائي آمنتم بسري وصدّقتم بغيبي فأبشروا بحسن الثواب مني، أي عبيدي وإمائي حقاً منكم أتقبّل وعنكم أعفو ولكم أغفر، وبكم أسقي عبادي الغيث وادفع عنهم البلاء، لولاكم لأنزلت عليهم عذابي ) . 

4ـ الاغتمام والبكاء على فراقه. 
ورد في الكافي الشريف عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح 
وعنه (ع) أيضاً: والله ليغيبن إمامكم سنيناً من دهركم ولتمحصن حتى يقال: مات أو هلك بأي وادٍ سلك، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين. 
وروي في عيون الأخبار في خبر متعلق به (عج) عن الإمام الرضا (ع) أنه قال: كم من حرى مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين. يعني الحجة (عج). 

5ـ الدعاء له: لا سيما دعاء الفرج. 
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً. 
وورد عن الإمام الحسن العسكري (ع) في دعائه له (عج): اللهم أعذه من شر كل طاغٍ وباغٍ، ومن شر جميع خلقك واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله واحرسه وامنعه أن يصل إليه بسوء واحفظ فيه رسولك وآل رسولك وأظهر به العدل وأيّده بالنصر). 
وقد ورد التأكيد على الدعاء له بتعجيل الفرج ففي التوقيع الشريف المروي عنه (عج): وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم. 
وروي عن الإمام الحسن العسكري (ع) أنه قال: والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله عزّ وجلّ على القول بإمامته ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه ).

6ـ زيارته. 
لا سيما زيارة آل ياسين الواردة عنه (عج) حيث يعلمنا فيها كيف نشعر بحضوره فنقول: السلام عليك حين تقوم، السلام عليك حين تقعد، السلام عليك حين تقرأ وتبين، السلام عليك حين تصلي وتقنت، السلام عليك حين تركع وتسجد. 

7ـ التوسل به إلى الله سبحانه. 
ورد في بعض الروايات توسل بالإمام صاحب العصر والزمان (عج) منها: اللهم إني أسألك بحق وليك وحجتك صاحب الزمان إلا أعنتني به على جميع أُموري وكفيتني به مؤنة كل مؤذ وطاغ وباغ وأعنتني به فقد بلغ مجهودي وكفيتني كل عدوّ وهمّ وغمّ ودين، وولدي وجميع أهلي وإخواني ومن يعنيني أمره وخاصتي، آمين رب العالمين (بحار الأنوار: ج‏94 ص‏35). 

8ـ القيام عند ذكر اسمه. 
لا سيما عند ذكر لفظ «القائم» فقد ورد أنه ذكر اسمه المبارك (عج) في مجلس الإمام الصادق (ع) فقام تعظيماً واحتراماً له. 
وفي تنزيه الخاطر: إن الإمام الصادق (ع) سئل عن سبب القيام عند ذكر القائم من ألقاب الحجة (عج) فقال (ع): لأن له غيبة طولانية (منتخب الأثر: ص‏506). 
وروي أيضاً عن الإمام الرضا (ع) أنه قام في مجلسه بخراسان عند ذكر لفظة القائم ووضع يده على رأسه الشريف وقال: «اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه» (منتخب الأثر: ص‏506). 
وفي كتاب مشكاة الأنوار قال: لما قرأ دعبل قصيدته المعروفة على الرضا (ع) وذكره (عج)، وضع الرضا (ع) يده على رأسه وتواضع قائماً ودعا له بالفرج (منتخب الأثر: ص‏506). 

9ـ الصلاة عليه. 
ورد استحباب الصلاة عليه في أكثر من مورد كما في دعاء الافتتاح. وكالصلاة الواردة عن الإمام العسكري (ع): «اللهم صل على وليك وابن أوليائك ولي الأمر المنتظر الحجة بن الحسن، اللهم صل على وليك وابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم..» (مكيال المكارم: ج‏2 ص‏264). 
وورد في مصباح الزائر ص‏420: اللهم صل عليه صلاة تظهر بها حجته وتوضح بها بهجته وترفع بها درجته وتؤيد بها سلطانه وتعظم بها برهانه وتشرِّف بها مكانه، وتعلّي بها بنيانه، وتعزُّ بها نصره، وترفع بها قدره، وتسمي بها ذكره، وتظهر بها كلمته، وتكثّر بها نصرته، وتعزُّ بها دعوته، وتزيده بها إكراماً، وتجعله للمتقين بها إماماً، وتبلغه منا تحية وسلاماً. 

10ـ التصدق عنه. 
ورد في دعاء التصدق حين السفر: اللهم إن هذه لك ومنك وهي صدقة عن مولانا محمد (عج)، وصل عليه بين أسفاره وحركاته وسكناته في ساعات ليله

كيف يَعرِف المهدي المنتظر (عجّ) أنّه هو المهدي الموعود؟

كيف يَعرِف المهدي المنتظر (عجّ) أنّه هو المهدي الموعود؟

يعتقد جميع المسلمين أنّ المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف)، سيملأ الأرض كلَّها قسطاً وعدلاً، فهو إذاً ليس شخصية عادية، ومَهمَّته مَهمَّة صعبة، وغير عادية؛ لذا لا بدّ أن يكون الشخص المدَّعي لأمر المهدوية على يقين قاطع بأنّه هو المهدي المنتظر، ونلاحظ أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) مع أنّه شاهد جبريل (عليه السلام) وأُنزل عليه القرآن الكريم، وأُسرى به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى

حيث عُرج به إلى السماء ـ مع ذلك كلِّه ـ كان يقصُّ الله عز وجل عليه قصص الأنبياء، ما يثبِّت به فؤاده، كما قال تعالى: {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْـحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}(1) وذلك التأييد والتثبيت لازم له (صلّى الله عليه وآله)؛ لأنّ مَهمَّته صعبة وسوف تكون فيها حروب دامية، وخروج من الديار والأهل وغير ذلك، فكيف بالمهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف) الذي يريد أن يحكم الكُرة الأرضية كلَّها ليملأها قسطاً وعدلاً؟ ألا يحتاج إلى ما يوصله إلى أعلى درجات اليقين، بأنّه هو المهدي المنتظر المقصود والموعود به لتلك الـمَهمَّة العظيمة؟

ومن هنا يظهر الإشكال عند إخواننا أهل السنة؛ حيث يعتقدون أنّه مع انقطاع الوحي عن الرسول (صلّى الله عليه وآله)، انقطع اتصال الملائكة بأولياء الله في الأرض، وبشكل عامّ يعتبرون دعوى نزول الملائكة على أحد من الخلق بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) منكرًا من القول، ويتّهمون من يقول بذلك بأنه يدَّعي النبوَّة لمن تنزل عليهم الملائكة، أو يتّهمونه بالغلو، وغير ذلك من التَّهم؛ ولذا يشنُّون على الشيعة الإمامية الحملات الإعلامية القاسية، لوجود روايات ـ عند الإمامية ـ تذكر نزول بعض الملائكة على الزهراء (عليها السلام) بعد وفات النبي (صلّى الله عليه وآله) لمواساتها (عليها السلام)، ويعتبرون ذلك من الغلوُّ، ويعتقدون أيضاً أنّه لا يوجد معصوم من بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله).. لذا نسألهم:

كيف يَعرِف المهدي المنتظر ـ باليقين الذي لا يخالطه شكٌّ ـ أنّه هو المهدي الموعود؟ مع العلم أنّه قد ظهر في المجتمعات السنية والزيدية مَن ادِّعى لنفسه المهدوية، ولكن لم يفلحوا، ولم يقبلهم عامّة الأُمَّة.

فالمهدي يلزم أن يتوفَّر على اليقين بكونه هو المهديُّ المنتظر الموعود، وهذا اليقين لا يمكن أن يتحقَّق إلاَّ من أحد طريقين: فإمّا أن يحصل له اليقين المذكور من خلال نزول الملائكة عليه، أو أن يخبره معصومٌ قولُه حجة بأنّه هو المهدي المنتظر الموعود. وكِلا الطريقين عند أهل السنة والزيدية ممنوع وغير ممكن.. فكيف يَعرِف ويتيقّن المهدي أنّه هو المهدي المنتظر حقيقةً؟

فلم يبقَ لهم إلَّا طريقٌ واحدٌ، وهو الوصول إلى ذلك اليقين المذكور من خلال المنامات، وهذا الطريق بإجماع الأمَّة لا يوجب العلم الذي من خلاله يستطيع الإنسان أن يُقيم حدًّا من حدود الله عزّ وجلّ، فكيف بالمهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف) الذي يُريد أن يقوم بمهمة صعبة للغاية، يحتاج في تنفيذها إلى أن يدخل في معارك ضارية، قد يُقتل فيها ملايين البشر، أضف إلى ذلك أنّنا ـ والتاريخ يشهد بذلك ـ نعرف أناسًا في منتهى التديُّن والإخلاص، ولكنْ كلُّ واحد منهم يرى في مناماته أنّه هو المهدي المنتظر، ولذا يخبرون بعض الناس بذلك، وتتكوّن لهم جماعات صغيرة ثمّ يموتون، أو ينصرفون عن دعواهم، وتنتهي مسألتهم، أو قد يهجم عليهم عوامّ الأمَّة بتحريك من العلماء، فتقتلهم أو تطردهم، فما حكم هؤلاء؟.. وهل يحقُّ لنا عدم قبول دعواهم؟ وهم في الواقع صادقون في أنّهم رأوا تلك المنامات، بل قد تحصل رؤيا أو أكثر لدى بعض الناس بما يؤيِّد دعواهم، فهل يصحُّ أن نقبل هذه الطريق كطريق لمعرفة مسألة مُهمَّة كمسالة المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف)؛ مع ما نلاحظه في هذه الطريقة من الفوضى؟

إذاً سيرجع الجميع إلى رأي ومذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وهو القول بأنّ الملائكة تنزل على أولياء الله، وتبلّغهم أوامر الله عزّ وجلّ، أو أنّه لا بدّ من معصوم قبل المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف) يُخبره بأنّه هو المهدي المنتظر. وهذا هو مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، فمن فكّر مليًّا في هذه الأُمور، ودرس القضية من جميع نواحيها، وأنصف فطرته وعقله؛ فسوف يرى أنّ مذهب أهل البيت (عليهم السلام) هو المذهب الوحيد الذي تنسجم فيه تلك البشائر النبوية مع الواقع.. وأمَّا مهديٌّ ليس لديه دليلٌ على أنّه هو المهدي المنتظر إلَّا مجرَّد أحلام ومنامات، كيف يستطيع أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ويُزيل الظَّلمة والعتاة، ويُدمِّر أهل الشرك والعناد؟.. إنّه أمر واضح لمن أراد أن يتدبَّر فيه ويتأمّل.

وهذا الإشكال نفسه يُطرح على إخواننا الزيدية أيضاً، حيث يقولون بانقطاع العصمة الفردية عن أهل البيت (عليهم السلام) بعد الحسين، وانقطاع اتصال الملائكة بأهل البيت (عليهم السلام)بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله).

ولا زلتُ أتذكّر جيّداً، حينما سألت يوماً أحد كبار علماء الزيدية هذا السؤال:

كيف يَعرِف المهدي أنّه هو المهدي الموعود؟

فسكت قليلاً، ثم قال: المهدي لا يعرف أنّه هو المهدي المنتظر، بل هو رجل من أهل البيت(عليهم السلام)، يدعوا الناس لإحياء الإسلام، ويواجه الظلمة والمتكبرين، وينتصر عليهم انتصارات عظيمة، وبعد أن يملأ الأرض عدلاً وقسطاً؛ يعرف أنّه هو المقصود بتلك الروايات الـمُبشِّرة بالمهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف) من قبل الرسول (صلّى الله عليه وآله).

فكان هذا هو جواب ذلك العالم الكبير. وهذا الجواب لم يرفع تلك الشبهة من ذهني في ذلك الحين، بل رأيته قد زاد الإشكاليةَ تعقيدًا؛ إذ ما هو حكم الذين يقاتلونه، وهم لا يعرفون أنّه المهدي، في حين أنّه لم يدَّعِ ذلك ليُلزمهم الحجة باتِّباعه؟

فمثلاً: إذا قرَّر المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف) الذي لم يَعرف بمهدويَّته بعد، إذا قرَّر فتحَ بعض البلاد؛ فإنَّ أحرارَ تلكَ البلاد سينظرون إليه كغازٍ ومهاجم يقصد استعمار بلادهم.. فلا هم يعلمون أنَّه المهديُّ المنتظر الذي تجب عليهم طاعته والانقياد لأوامره، ولا هو بالذي يعلم ذلك حتَّى يخبرهم فيُتمَّ الحجَّةَ عليهم.

فهذا إشكال أكبر من إشكالي الأول، وكان ذلك الجواب، كالمثل القائل: (وزاد في الطين بلة)

حكم من أنكر الإمام المهدي (عليه السلام)

حكم من أنكر الإمام المهدي (عليه السلام)

لا ريب في أن أحاديث خروج الإمام المهدي (عليه السلام) متواترة بإجماع من يعتدُّ به من أهل العلم ، وأئمة الحديث . فإنكار هذا الأمر المتواتر جُرأة عظيمة في مقابل النصوص المستفيضة المشهورة ، البالغة إلى حدِّ التواتر . وقد سُئل ابن حجر المَكِّي - من علماء السُنَّة - عَمَّن أنكر الإمام المهدي (عليه السلام) الموعود به ، فأجاب : ( إنَّ ذلك إنْ كان لإنكار السُنَّة رأساً فهو كفر ، يُقضى على قائله بسبب كفره وردّته ، فَيُقتل .

وإن لم يكن لإنكار السُنَّة وإنَّما هو مَحض عناد لأئمَّة الإسلام فهو يقتضي التعزير البليغ ، والإهانة ، بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة ، وقبح هذه الطريقة ، وفساد هذه العقيدة ، من حبس ، وضرب ، وصَفْعٍ ، وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح .

ويرجعه إلى الحقِّ راغماً على أنفه ، ويردُّه إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره ) .

وقد وقفنا على فتوىً للشيخ البهائي ( قدس سره ) في هذه المسألة ، قال – مجيباً على من سأله عن خروج الإمام المهدي (عليه السلام) بقول مطلق ، هل هو من ضروريَّات الدين ، فمنكره مرتدُّ ، أم ليس من ضروريَّاته ، لِما يُحكى من خلاف بعض المخالفين فيه ، وأنَّ الذي يخرج إنَّما هو عيسى (عليه السلام) ، وهل يكون خلافهم مانعاً من ضروريَّته ؟ - :

( الأظهر أنَّه من ضروريَّات الدين ، لأنه ممَّا انعقد عليه إجماع المسلمين ، ولم يخالف فيه إلاَّ شرذمة شاذَّة لا يعبأ بهم ، لا يعتمد عليهم ولا بخلافهم ، ولا يَقدَحُ خروج أمثال هؤلاء من ربقة الإجماع في حُجِّيَّته ، فلا مجال للتوقف في كفرهم ، إن لم تكن لَهم شبهة محتملة ) .

ونقول : تكفير المنكِر عند الفريقين يدور على أحد أمرين :

أوَّلهما :

ما أشار إليه ابن حجر في ( الفتاوى الحديثيَّة ) ، وهو ما أخرجه أبو بكر الإسكاف في ( فوائد الأخبار ) عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضوان الله عليه ) ، عنه ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :( مَن كَذَّبَ بالدجَّال فقد كَفَر ، ومَن كَذَّبَ بالمهديِّ فقد كَفَر ).

قال ابن حجر في ( القول المختصر ) - كما في ( البرهان ) - : أي حقيقةً ، كما هو المتبادر من اللفظ ، لكن إن كان تكذيبه من السُنَّة ، أو لاستهتاره بها ، أو للرغبة عنها .

فقد قال أئمَّتنا وغيرهم : لو قيل لإنسانٍ : قُصَّ أظفارك ، فإنّه من السُنَّة .

فقال : لا أفعله وإن كان سُنّة ، رغبةً عنها ، فقد كفر ، فكذا يقال بمثله .

وثانيهما :

إجماع أهل الإسلام قاطبة ، واتِّفاقهم على مَرِّ الأعصار والأعوام على خروج المهديِّ المنتظر(عليه السلام) ، حتى عُدَّ ذلك من ضروريات الدين ، وهو اتفاق قطعي منهم ، لا يشوبه شك ، ولا يعتريه ريب .

اللهم إلا من شَذَّ ، مِمَّن لا يُعتدُّ بخلافه ، ولايلتفت إليه ، ولا تكون مخالفته قادحة في حُجِّيَّة الإجماع .

مضافاً إلى تواتر أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) تواتراً قطعيّاً .

وظاهر أنَّ من أنكر المتواتر من أُمور الشرع والغيب بعد ما ثبت عنده ثبوتاً يقينيّاً فإنّه كافر ، لردِّه ما قُطع بصـدوره ، وتحقَّقَ ثبوته عـنه (صلى الله عليه وآله) .

ولا شُبهَة في كفر من ارتكب ذلك بإجماع المسلمين ، لأنّ الرادَّ عليه (صلى الله عليه وآله)كالرادُّ على الله تعالى ، والرادُّ على الله كافر باتِّفاق أهل المِلَّة ، وإجماع أهل القبلة .

ودعوى التواتر صحيحة ثابتة ، كما صَرَّح بذلك جمهور أهل العلم من الفريقين .

ولا نعلم رادّاً لها إلا بعض مَن امتطى مطيَّة الجهل ، واتَّخذ إلهه هواه ، وكابر الحق ، فكان حقيقاً بالإعراض عنه .

ونحن نقتصر في هذا المختصر على نقل كلام جماعة من محقِّقي العلماء في تحقّق التواتر لِتَتَبيَّن جليَّة الحال .

قال الآبري في كتاب ( مناقب الشافعي ) : قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رُوَاتها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذكر المهدي ، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلاً ، وأنَّ عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجَّال ، وأنه يَؤمُّ هذه الأمَّة ، ويصلّي عيسى بن مريم خلفه .

وقال بن حجر في ( الصواعق ) : الأحاديث التي جاء فيها ذكر ظهور المهدي كثيرة متواترة .

وقال السفاريني الحنبلي في ( اللوائح ) : الصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى ، وأنه يخرج قبل نزول عيسى (عليه السلام) .

وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حدّ التواتر المعنوي ، فلا معنى لإنكارها .

وقال الشوكاني في ( التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجَّال والمسيح ) : الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً ، فيها الصحيح ، والحسن ، والضعيف ، والمنجبر .

وهي متواترة بلا شكٍّ ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحرَّرة في الأصول .

وأما الآثار عن الصحابة المصرَّحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً ، لها حكم الرفع ، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك .

خلاصة القول :

إن إنكار مسألة الإمام المهدي (عليه السلام) وإنكار خروجه ، أمر عظيم ، لا ينبغي التفوُّه به ، بل رُبَّما أفضى بصاحبه إلى الكفر والخـروج عن المِلَّة ، والعياذ بالله تعالى .

والواجب تلقِّي ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقبول ، والإيمان التام ، والتسليم به .

فمتى صحَّ الخبر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا يجوز لأحدٍ أن يعارضه برأيه واجتهاده ، بل يجب التسليم ، كما قال الله عزَّ وجلَّ: ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ) النساء : 65 .

وقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بهذا الأمـر عن الدجَّال ، وعن الإمام المهدي (عليه السلام) ، وعن النبي عيسى بن مريم (عليهما السلام) .

ووجب تلقِّي ما قاله (صلى الله عليه وآله) بالقبول والإيمان ، والحذر من تحكيم الرأي ، والتقليد الأعمى ، الذي يضرُّ صاحبه ولا ينفعه ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .

ولا يسع المجال هنا لاستقصاء كلام الأئمّة (عليهم السلام) والعلماء في تواتر أحاديث المهدي المنتظر (عليه السلام) ، والتحذير من إنكار شأنه ، لكنَّ ما ذكرناه فيه كفاية إن شاء الله تعالى ، والله الهادي إلى سواء السبيل